لطالما كانت روسيا واحدة من القوى والدول العظمى على مر التاريخ، التي يهابها العالم ويحسب لها الف حساب بسبب قوتها العسكرية واللوجستية وطبعا لكبر مساحتها الجغرافية.
هذا هو وجه روسيا المخيف على الارجح، لكن لروسيا وجه آخر وجه يعج بالثقافة والفن والتراث الذي امتد وتشعب في العالم مع الامتداد السوفياتي حينها وبقي راسخا في الذاكرة لاجيال، ومع العلم ان معظمنا لا يفقه اللغة الروسية، الا اننا نألف هذه اللغة وتلك الموسيقى بطريقة او بأخرى.
احدى الفرق التي تشتهر بها روسيا عالميا هي فرقة The Red Army Choir او جوقة الجيش الاحمر، الفرقة التي يشارك فيها أكثر من 120 فنان وراقص ضمن لوحات فنية وموسيقية جابت العالم طوال السنوات الثلاثين الماضية حيث قدمت أكثر من سبعة آلاف عرض في لغات عديدة، أمام أكثر من 20 مليون مشاهد، بقيادة قائد الجوقة الجنرال Victor Eliseev أدت الفرقة في أكثر من 50 بلداً من بينها الصين، اليابان، كوريا، استراليا، ألمانيا، فرنسا وامس كانت في بيروت.
ضخامة الحدث جذبت عددا هائلا من المشاهدين الذين حضروا الحفل الكبير وكان لافتا تواجد فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية السابق العماد ميشال سليمان وعدد من الوجوه الساسية.
العرض الذي امتد قرابة الساعتين انقسم الى جزئين، الجزء الاول كان عبارة عن 13 عرضا بينهم اغنيات للجوقة، رقص باليه، وغناء منفرد بأصوات رائعة للفنانين Grigory Pinyasov، Alexey Volzhanin، Natalya Kurganshaya، Eliseeva & Mark Novikov، Viktor Gromov وKirill Nikitin.
وبعد استراحة قصيرة عادت الفرقة لتبهرنا بعروضها الراقصة، بين الوان الملابس وخفة الرقص، بين عذوبة الاصوات وحرفية العزف الموسيقي المباشر، نقلتنا الفرقة الى سهول روسيا والى برد موسكو، الا ان حرارة الفرح المنبعث من عيون الراقصين على المسرح اذابت الثلوج المتراكمة على ابنية المدينة الروسية العريقة التي تمتزج بالفن والتاريخ والتي تصافح مدينة بيروت التي تشاطرها حب الثقافة والفن.
14 عرض آخر اقيم في الجزء الثاني من العرض تخلله أداء للرائع Viktor Gromov، Alexey Volzhanin، Natalya Kurganshaya و Eliseeva، Valentin Ganshin و Vladimir Romanov، اضافة الى الرقصات التقليدية الروسية الرائعة والتي تعكس خشونة الحياة في بلاد الثلج مع مرونة الجسد البشري المدهشة.
أما الختام فكان مع العرض الرابع عشر الذي تمثل بأغنية Kalinka، ومن منا لا يعرف او يسمع بهذه الاعنية الروسية الشهيرة التي ما ان بدأ عزفها حتى تبدأ ايدينا بالتصفيق على انغامها بوتيرة متسارعة.
The Red Army Choir حضرت الى بيروت وقدمت عرضين متتاليين لتثبت للعالم ان لبنان ما زال وسيبقى بلدا لملتقى الحضارات والثقافات، بلد الفن والثقافة ومنارة للعالم في اعين الحاقدين.